السبت، 14 سبتمبر 2013

بيــــــــــــــكــــاســو وستـــاربكــس _ يــاسر حــرب

" إن كل من يريد أن يعمل في الحكومة بعد تخرجه فهو لا يرى أبعد من قدميه". ليست المشكلة في أن نموت, ولكن المشكلة في أن لا نعيش. الفرق بين الأنسان والحياة, أن الحياة لا تعرف متى نهايتها, أما الإنسان فإن نهايته تكون عندما يتوقف عن الحياة. كلما أنصتنا أكثر تعلمنا أكثر . لننس تواريخ ميلادنا قليلا ولنسخر حياتنا, طالت أم قصرت, لعمل أي شيء يعيش أطول من حياتنا نفسها ويبقى بعد أن نرحل, فذلك أفضل ما في الحياة. عندما تخلو النفس من أهداف, فإنها تكون اكثر عرضة للآلام, فالأهداف السامية تشغل الإنسان بعظمتها عن كل ما دونها, وكلما علت همة الإنسان تضاءلت الآلام في عينه. المنفعة أهم من الهدف, والهدف دون خطة يبقى حلماً. العظماء فقط من يرون في الألم أكبر دافع للمقاومة . لا يهم الطريق الذي تسلكه في رحلة الألم, ولكن الأهم هي الطريقة التي تتعامل بها معه. يقول الدلاي لاما : " لا تقلق, فإن لكل مشكلة طريقين, الأول أن يكون لها حل, ولذلك لا تقلق, والثاني ألا يكون لها حل, فلماذا تقلق؟ ". علمت نفسي الإصرار وحب المستحيل , وأقمت حلفا مع المستقبل ليكون نصب عيني بخيره وشره, وألا أتذمر أو أهرب منه, بشرط, أن يعدني هو ألا يخذلني إذا ما أوفيت بعهودي.. وأحسنت الظن بالله تعالى وتوكلت عليه, وكانت تلك البداية. علمت نفسي أن أنحني للريح القوية احتراماً, وأن أكون مرنا مع تقلبات الحياة حتى لا أنكسر, لأن الانكسار من شيم الخاسرين. هل جربت أن تتقبل الحياة كما هي ؟ وأن تتقبل من تحب كما هم لا كما تهوى؟ إن معرفة النفس فضيلة بحد ذاتها . أن تتصالح مع ذاتك يعني أن تقبل الآخر بكل اختلافاته وتناقضاته, ليس لأنك تحبه, ولكن لأنك ببساطة, لا تكرهه. أن تتصالح مع ذاتك ذلك يعني أن تترك الوعظ جانبا وتهبط إلى المجتمع حتى تفهم مكوناته, وتستوعب تقلباته التي تشكل , في خضم تناقضاتها, نسيجه اللامحدود , الذي لم يزده الوعظ تماسكا. يعتقد ابن خلدون بأن الوعظ, في أحيان كثيرة , يؤدي إلى سفك الدماء. فالناس, لبساطتها, تثيرها المشاعر, ويهيجها الكلام الوعظي, فتندفع كبركان ثائر, ليدمر الأخضر واليابس. انظر إلى الشباب من حولك, هل زادهم الوعظ صلاحا؟. أن تتصالح مع ذاتك يعني أن تناهض التعميم, وتعارض فكرة الشمولية. فالتعميم يلغي خصائص الأشياء ويمحق صفات الناس المتباينة, ليحيلهم جميعا إلى قالب واحد. التعميم هو أقرب وصف للظلام. المتصالح مع ذاته يشبه النهر الذي يستمر في صب مياهه العذبة في البحر المالح على الرغم من علمه بأنه لن يحيله حلواَ, فهو يعلم بأن مهمته تكمن في ري الأراضي التي يمر عليها, وليس في تحلية مياه البحر. الفرق بين النخلة والسدرة . فالنخلة ترمي بلحها بعيداَ عن ظلها, وبعد ذلك تذوب البلحة بفعل الطقس, تغوص نواتها في الرمل لتنبت وتورق وتصبح نخلة جديدة . أما السدرة فإنها ترمي بثمرها (النبق) تحتها مباشرة, حيث تمتد أغصانها بكل اتجاه لتغطي الثمر المتساقط الذي يبقى في الظل ثم يموت ولا ينبت شيئا, لأنه يفتقر إلى الشمس والضوء. لا أؤمن بالأمثال كثيرا, وقلما أستخدمها في حياتي , فالأمثال تجارب إنسانية لبشر مروا قبلنا, قد يخطئون وقد يصيبون, وكلامهم ليس من التنزيل حتى ينزه عن الخطأ. إن كثرة جريان (بعض) الأمثال على ألسنة الناس, يبعث في المجتمع بلادة فكرية, وقناعات زائفة , تعطل الإبداع, وتئده قبل بلوغ سن الرشد. الخيارات الحقيقة هي الخيارات التي نقوم بها بأنفسنا لأنها تعكس رغبتنا وطموحاتنا. إن أسوأ سلب لحرية الأنسان لا يكمن بحبسه في السجن, ولكن في سلبه قدرته على الاختيار. الخيارات الحقيقة لا تحتاج إلى وسائل و أدوات, بل تحتاج إلى قدرة على اتخاذ القرارات , وتحتاج إلى إدراك عميق لأنفسنا, لمن نكون ولماذا أصبحنا على ما نحن عليه, وماذا يمكننا أن نصير غداً. إن كثرة الخيارات في حياتنا ليست ظاهرة صحية كما نعتقد أحيانا, فالخيارات المتعددة تفقدنا الانسجام مع الحياة وتنزع منا قدرتنا على تذوق جمال الأشياء البسيطة التي بين أيدينا, وتحيل أنظارنا إلى ما لا نملكه, للتحول حياتنا إلى رغبات , وتتحول إنسانيتنا إلى ماديات. إن المجتمعات التي تتعامل مع الإبداع كقضية رئيسية ومطلب حيوي هي المجتمعات التي تزن كل شيء بالمعرفة . إن أكبر مقيد للحريات الإنسانية وللإبداع الفكري هي المجتمعات الرجعية والمتعصبة, ففي تلك المجتمعات, يتردد المبدع ألف مرة قبل إظهار موهبته خشية من غضب المجتمع ومن مخالفة أعرافه وقوانينه التي لا تمت بعضها للحضارة بصلة, ليتحول الأنسان من مخلوق حر مبدع, إلى عبد للمجتمع. لكن شتان أيضا بين برامج جادة في البحث عن الإبداع , وبين برامج لا تعدو كونها تسلية مبتذلة وبذيئة تبثها بعض القنوات العربية . يعرف إدوارد ديبونو الإبداع بقوله: " هو الهروب من أنماط الحياة المتعارف عليها, حتى نتمكن من رؤية الأشياء بصورة مختلفة". إن الحب هو أقوى دافع للإبداع. الإيمان حاجة كونية, نحتاجها لكي نحب. لا يمكننا أن نحب من لا نؤمن بهم , ولكننا نؤمن بمن نحبهم. إن الحب الذي لا يمنحنا الإيمان بأنفسنا هو حب ناقص, لم يعرف طريقه إلى القلب. أليس الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل! بالتأمل هو أن يصفي المرء ذهنه من كل شيء ويجلس في هدوء وسكينة تامة لمدة من الزمن لا يفعل فيها شيئا ولا يشغل تفكيره هم من هموم الحياة. قرأت جملة للدلاي لاما يقول فيها:" عندما يتأمل الإنسان فإنه يسيطر على نفسه, وعندما يسيطر على نفسه فإنه يصبح هادئا وتكون نظرته إلى الحياة هادئة ...وبالتالي فإن تصرفاته وردود أفعاله تجاه الحياة تكون هادئة أيضا". عندما يتأمل الانسان فإنه يسلك طريقا تكون أولى محطاته وأهمها الاسترخاء, وعندما يسترخي الإنسان فإنه يستطيع فعل المستحيل , وعندما يسترخي يكون أكثر قدرة على الإصغاء ومن ثم على اتخاذ القرارات الصحيحة. إن التأمل جوهر جميع الأديان, السماوية وغير السماوية, وفي الإسلام يعرفه البعض على أنه التفكر والتدبر, وفي القرآن ورد ذكر المتدبرين والمتفكرين في مواضع عديدة, فعندما بتدبر الإنسان فإنه يصل إلى الحقيقة دون الحاجة إلى خطب ومواعظ , فالتدبر يحرر الفكر ويشعر الإنسان بما يدور حوله من نواميس الحياة التي تحجب عن البصر وتكشف للبصيرة, وعندما يرى الإنسان ببصيرته فإنه يعرف الله حق المعرفة.