الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

حــــول العــالـــم في 200 يـــــوم _ أنيــــــس منصـــور




كان الكتاب بالنسبة لي بمثابة منظار صغير يوضح الفرق بين الفترة التي عاشها الكاتب أثناء تدوينه لهذا الكتاب والفترة التي أعيشها أثناء قرأته,على الرغم من قصرها إلا أن هناك مفارقات شاسعة حدثت بين العهدين جعلتني أعي حجم النعم الكثيرة التي نتمتع بها في عصرنا الحالي ,,أترككم مع مقتطفات من كتاب"حـــول العالــــم" للكاتب أنيس منصور. يقول الكاتب :
قد جاءت صفحات هذا الكتاب صورة لأفكاري ومتاعبي ومشاكلي.. فقد كتبتها, جالسا مقرفصاً. في سريري, هرباً من البعوض, وأحياناً خوفاً من الأفاعي والعقارب, وكتبتها تحت أشجار الموز, وكتبتها في ظلال جوز الهند, وعلى منضدة استأجرتها من حديقة الدومين في مدينة سيدني, وكتبتها على مصابيح الجيشا في كيوتو, وسجلتها وأنا مريض, وسجلتها وأنا خائف من الطريق الطويل الذي لم يمش فيه أحد قبلي..
إن كل الذي استطعت أن أعرفه في دوراني حول العالم هو أنني أستطيع الكثير.. وأن كل إنسان يستطيع أن يفعل الكثير.. أن يأكل رغيفا في اليوم, وأن يعمل عشرين ساعة.. دون أن يتعب.
ففي كل إنسان قوة هائلة, لا يستطيع أن يستغلها..
وفي كل إنسان كنز من الحيوية والقدرة على الفهم والقدرة على الاحتمال والصبر.
وأننا لا ننفق من هذا الكنز إلا القليل..
وأن الإنسان يأكل ويشرب وينام أكثر مما يجب.
وأنه يعمل أقل مما يجب..
وأنه يخاف أكثر مما ينبغي.
وأنه لا يعرف نفسه.. وأنه لا يعرف حدوده الشاسعة الواسعة..
يكفيني أن أذهب إلى مكان جديد. فأي بلد جديد هو الجنة بالنسبة للبلد الذي قبله.. فليس أروع ولا أمتع من رؤية بلد جديد.. ومن معرفة شيء جديد.. ومن الخوف من جديد والقلق من جديد.. و الاطمئنان من جديد!
العواطف هي التي تخلق الصورة التي يعبر عنها الإنسان.
الإنسان ينسى كل شيء يكرهه أو يضايقه.. فالنسيان هو" الكماشة" التي تخلع المسامير من أحذية حياتنا ونحن لا ندري..
وهنا أستعرض من كل بحر قطرة فالكاتب أغرقني بالمعلومات عن المناطق التي زارها ولكن سأدون ما استوقفني ..
الهنــــد..
إن الهند ليست دولة ولكنها قارة واسعة.
الرجل الهندي يستطيع أن يعيش في أسوأ الظروف وفي أصغر مساحة من الأرض وبأقل طعام وشراب ممكن. ولا يشكو , ويجد من دينه وفلسفة بلاده ما يجعله يرضى بهذا القليل من كل شيء.
ولكن أي أجنبي في الهند يملك من الحريات ما لا يملكها في بلده.. فأنت في الهند تستطيع أن تمشي نصف "عريان" وأن تطيل لحيتك وشاربك. وأن تنظر إلى الأرض , وأن تنظر إلى السماء. وأن تأكل والطعام في يدك وأن تضعه على الأرض.. وأن تموت من الجوع وأن تموت من الشبع..

سنـــغافــورة..
سنغافورة معناها مدينة الأسد ولها قصة غريبة.. فقط اشتراها ضابط إنجليزي بخمسة آلاف جنيه من سلطان جوهور منذ 145 عاماً. والضابط الإنجليزي اسمه رافلس , وكان يبحث عن قاعدة بريطانية يضرب منها الهولنديين.. وقرر رافلس أن يجعل هذا الميناء حرا, تدخله كل البضائع وكل الفلوس بجميع ألوانها. ومازالت سنغافورة حرة, ولاتزال فيها كل فلوس هذه المنطقة.. واسم رافلس هذا في كل ميدان ورصيف وشارع.

الصيــــن..
إن أول إنسان شرب الشاي كان في سنة 2727 قبل ميلاد المسيح. وهذا الإنسان هو الإمبراطور شن توانج, وكان من عادة هذا الإمبراطور أن يغلي الماء قبل شربه وقد حدث وهو يشهد عملية غليان الماء أن سقطت ورقة جافة من إحدى الأشجار وانزعج الإمبراطور ولكنه لاحظ أن هذه الورقة قد غيرت لون الماء فوضع أوراقاً أخرى وأعجبه اللون والطعم. وكان الإمبراطور أول شريب للشاي في العالم.
أي مكان كأي مكان .. والحياة عمل.
الصينيون في غاية النشاط والنظافة والبساطة. والرجل الصيني لا يتعب من العمل وذكي ويرغمك على أن تشتري منه بأي شكل..
إن الرجل الصيني عنده جلد على العمل أكثر من أي إنسان بالدنيا. فالصيني يقبل أي أجر ويقبل الحياة في أية ظروف.
إن الصيني خطر على أناس كثيرين .. لأنه الآلة الإنسانية التي اذا اشتغلت تعطلت ملايين الأيدي.
فالعمل دين, والصينيون متعصبون لدينهم.. والدين المعاملة والصينيون يحسنون المعاملة.
لا يوجد شيء مستحيل عند الرجل الصيني. والذين جاءوا من اليابان يقولون : إن الرجل الياباني يرى أن الرجل الصيني بليد وغبي وبطئ جداً!
فالأمانة من أهم خصائص المجتمع التجاري ولا تنس أننا زراعيون وأخلاقنا زراعية يعني فلاحين!


استراليــــــا..
أستراليا معناها : الأرض الجنوبية, لأنها في جنوب العالم المعروف.. أي جنوب آسيا.
يقول أصحاب الملايين اللبنانيون إن النجاح ليس له سر. ولكن الصبر والبساطة في الحياة هما سر النجاح.
يقول روبي سكيف ونحن في قصره الجميل على ميناء سيدني : أعتقد أن سر النجاح هو في التواضع .. فالإنسان يجب أن ينحني لعمله لا ان يجعل العمل ينحني له.. وهناك كثيرون تخرجوا في الجامعة ومعهم شهادات جامعية.. معظم هؤلاء لم ينجح. لماذا؟ لأنهم يترفعون عن العمل بأيديهم بينما ينجح الرجل الذي لم يدخل الجامعة, لأنه يرى أن العمل أكبر منه وأنه تلميذ في جامعة الحياة وأنه لم يتخرج بعد, ولن يتخرج أبداً..


المـــالـديف..
كلمة مالديف _ معناها جزيرة السمك. فكلمة مالد : معناها سمك وديف أصلها "ديب" أو "ذيب" ومعناها جزيرة . والكلمة كلها سنسكريتية.

هونـــج كــونـج..
معنى هونج كونج : شذى الورد .. أو الهواء المعطر.

اليـــابــان..
الحقيقة أن الرجل الياباني يتقن عمله جداً ولا شيء هنا يتم بسرعة.. ولكن من المؤكد أن كل شيء يتم.. ويكفي الرجل الياباني فخراً أن كل شيء في بلده قد صنعه.
الرجل الياباني ليس مخترعاً ولكنه مقلد عبقري.. إنه مقتبس.. إنه يترجم ويتصرف.. إنه بلغة الصحف "مراجع".. يعيد كتابة الموضوعات ويضع لها العناوين ثم يعرضها في الإطار المثير.
لاحظت أن الياباني لا يستطيع ان يفكر في شيئين في وقت واحد فإذا دخلت على ياباني في مكتبه وكان يتحدث في التليفون فإنه لا يمكن أن يراك أو يسمعك أو يلتفت إليك.
اليابان هي المثل الأعلى للدولة التي تقف على قدميها وتضع هاتين القدمين فوق أكتاف الآخرين. والمثل يقول : إن القزم من الممكن أن يرى أكثر من العملاق إذا وقف على كتفيه.
والرجل الياباني يأخذ من كل شيء أحسن ما فيه.
الياباني يفهم بطريقة خاصة, ويجب أن يكون كل شيء محدداً تماماً.


أمـــريــكــا..
المجتمع التجاري هو مجتمع مبني على كثير من الأخلاق.. فالصدق والأمانة الوفاء بالوعد وعدم الغش, كل هذه صفات المجتمع التجاري. فالتاجر لا يكذب لا لأنه مؤمن بمزايا الأخلاق أو مؤمن بدين معين.. ولكن لأن الصدق هو أحسن إعلان له عند الزبون .. والغش هو أسوأ دعاية ضده..

المرأة مقياس لحضارة أي مجتمع.   
هل هي سيدة؟ هل هي خادمة؟ هل تمشي وراء الرجل ؟ إلى جواره؟ أمامه؟ إنها في أوروبا تمشي إلى جواره. وفي أمريكا تمشي أمامه.
مكانة المرأة تدل على عقلية الرجل .. لأن الرجل هو الذي يضع القوانين هو الذي يطبقها ولا شيء يدل على عقلية الرجل ومدى ثقافته وتقدمه أو تأخره غير نظرته إلى المرأة.


أن هذه الحياة أو النفس أو الروح لها وجود حقيقي خارج جسم الإنسان.. ولكن عندما تخرج أو تطرد أو تنطلق من الجسم فإنها تبقى متأثرة بهذا الجسم. فالجسم يشبه الثوب.
كان الشاعر الفرنسي فيكتور هيجو يعزو عظمته إلى شيء واحد هو انه يكتب كل يوم.. وكان شعاره: سطر واحد كل يوم!
أنه ليس من المهم أن تكون أول من يعمل شيئا وإنما المهم هو أن تبقى وأن تستمر وأن تصبر.
والمثابرة تغلب الذكاء, والصبر يغلب الحظ.. والعبرة دائما بالنتيجة!
الحياة علمتني أن الذي لا يعمل لا يأكل , وأن الذي لا يجري وراء اللقمة تجري منه اللقمة.