الثلاثاء، 24 فبراير 2015

سجينة طهران _ مارينا نعمت

"ما دمت لا أستطيع النسيان , فربما يكون الحل في التذكر".

تقول الكاتبة في المقدمة هذه الرواية .... هي الجزء غير المروي من حكاية طويلة تناولتها الألسن والفضائيات والصحف والمجلدات وكتب التاريخ على نحو إعلامي منقوص , على نهج انتقائي غير موضوعي .

حين يُستغل الدين للوصول إلى مأرب خاصة تظهر قباحة الفعل ,  وهذا تماماً ما استشفيته من كاتبة هذه الرواية حيث جرتني معها مارينا في ممرات سجن إيفين في طهران , منها إلى زواجها الأول الذي كانت فيه تحت التهديد بحياة اسرتها و أخيرا اسلامها اكراها حتى يكون الزواج مباركاً!!
أي دين هذا الذي يغتصب قاصرا ويسجن بريئا يطالب بحقه من التعليم بعيدا عن السياسة !! لم ولن يكون الاسلام يوماً بهذه الصورة التي يسعى مستغليه لأهدافهم الدنيئة استخدامه كغطاء يستر مصائبهم , وينجح هؤلاء بالقفز على عقول الجهلاء الذين لا هم لهم ولا حاجة الا التطبيل والانصياع .
ما حدث مع مارينا يمكن أن يحدث الآن في أي بلد آخر , لكن استخدام الدين كغطاء تلتحف به السياسة هو ما يعطي الرواية بعداً آخر حيث تروي كيف بدأت الحركة بهدف واستمرت بآخر , وكيف أن أعضاء التنظيم أنفسهم في تذبذب فالصادق اصبح يستنكر الأعمال الشنيعة التي يدعو إليها التنظيم والمنافق لا يرى أبعد من قدميه ينفذ وكأنها تشريعات منزلة بينما هي دماء مهدورة .
الرواية تستحق القراءة لتتضح الصورة الفعلية المرسومة عن إيران , وحقيقة تعاطيها مع ابسط القضايا الدينية بعد قراتي للرواية اصبحت اسميها الطفلة الحانقة حيث أي محاولة من قبل شعبها بالتحرك تقمع وتضطهد تحت شعارات دينية مبتدعة .



أترككم مع مقتطفات من رواية "سجينة طهران _ للكاتبة مارينا نعمت":
_ لقد منحني الله موهبة أنقذتني كثيراً , إذ كان بوسعي التوقف عن التفكير عندما تصبح أفكاري عسيرة الاحتمال .
_نحن نقتل ذكرياتنا الحزينة بكتابتها. الأدق أننا نقتل "مطاردتها" لنا , حين نشل حركتها ونجمدها على هيئة حروف فوق ورق , في دفتر, نحفظه في درج المكتب .
_ كانت حوائط الزنزانة مطلية باللون البني الفاتح , ولكن بعض الطلاء كان متساقطاً كاشفاً عن الجص تحته , وبقية الطلاء مغطى ببصمات الأصابع وعلامات غريبة زلقة بأشكال وأحجام مختلفة , وبعض البقع باللون الأحمر الداكن التي اشتبهت أنها دماء , بالإضافة إلى بعض الكلمات والأرقام المحفورة في الحوائط  و معظمها غير مقروء . تتبعت النقوش بأصابعي كأنها كتبت بطريقة برايل. قرأت أحدها : " شيرين هاشمي, الخامس من يناير 1982 . هل يسمعني أحد ؟" يوم الخامس من يناير كنت في منزلي بينما تلك الفتاة هنا . تُرى أين هي الآن ؟ ربما لقيت حتفها . كم كان قدر ما لاقت من عذاب عندما كتبت هذه الكلمات : "هل يسمعني أحد؟".
_ألا تساوي حياة إنسان بريء خوض الحرب من أجلها .
_بدا لي أن الشجاعة مثل الكذب من حيث التظاهر بأن كل شيء على ما يرام , بينما الحقيقة غير ذلك .
_ لماذا ندير ظهورنا للواقع حين يصبح أشد قسوة من أن نحتمله ؟
_من المفترض أن تزيدنا المعاناة قوة , لكن علينا أن ندفع الثمن أولاً.
_عندما أكون معه يتملكني شعور عارم بالانتماء وكأنه وطني , وكأني وصلت وجهتي بعد رحلة محفوفة بالمخاطر.
_ أمر غريب أن أحدنا لم يدرك حقيقة مشاعره نحو الآخر قبل ان يلقى القبض علي , لم ندرك ذلك إلا بعد أن فقد أحدنا الآخر .
_أحسست بالحب في عينيه على الرغم من كل شيء . . .  . . . أعلم أني لو توسلت إليه أن ينساني لن يفعل .
_أصبحت أقدر قيمة الحصول على فرصة بأن اقول وداعاً.

_فإن نحن "كتبنا" مخاوفنا "قتلناها" لهذا تختم الكاتبة روايتها بهذه العبارة :
"الخوف أفظع السجون على الإطلاق".