الثلاثاء، 26 أبريل 2016

جديس _ أسماء الراجح


في هذه الصفحات التي تعتبر أقصر رواية يمكن أن تقرأها تجد أن بطلتها في حوار دائم مع ذاتها ابتدعت من خلاله شخصيات عاشت معهم ونامت بينهم, ليس هذا فقط فهي تجعل القارئ يفكر, يخطط ويحلل كل الأحداث معها ويعيش لحظة بلحظة الحالة الشعورية التي تمر بها .
إلا أنها تفاجئه بالنهاية أنها كانت تعيش في مخيلتها وأن كل ما حدث لم يكن إلا أحلام و طموحات اختلقت وقتلت في مهدها .
على الرغم من أنها المرة الأولى التي أقرأ فيها للكاتبة إلا أنني أحببت طريقتها واسلوبها في الطرح .

اترككم مع مقتطفات من :
_ كان الرجل الوحيد خلف السور
الذي كان يؤمن بأن ما يحدث داخل هذه الأرض غير كاف؛
_قراءة كتاب واحد كفيلة بأن تخلق في نفسك بركانا لا يهدأ حتى تغادر عتبة ذلك السور..!!
_لم أجد يوماً سبباً منطقياً يدفع الحياة للسير حين نحزن
_رجل يعرف ما يريد ولذلك يختلف !
_أخبرني .. ما فائدة ما أعتقده وما أريده :
إن كان كل ما في هذه الحياة يتجاوزني ؛ وأصبح جزء من شيء آخر لا يشبه ما أشاء ..؟


الاثنين، 25 أبريل 2016

سجين المرايا _ سعود السنعوسي





_ما إن تبادري بالكلام حتى تختل موازين الكون.

اؤمن بهذا الكاتب كثيرا لقد قفز على ظهور أكبر الأدباء من خلال ثلاث روايات اختصرت نظرته للحياة, جميل أن يمتلك هذه النظرة الواقعية على الرغم من صغر سنه والأجمل أن يلخصها بقصص أسميها ثلاثية الأبعاد حيث ما أن تبدأ تقرأ احدى رواياته حتى تدخل في تفاصيل الأحداث وكأنك تعيشها.
       سجين المرايا فتحت ابواب الذاكرة على رواية القندس للكاتب محمد حسن علوان التي كما وصفتها إحدى القارئات "يوميات مراهق في الخمسين". في المرايا أستطيع أن أقول "يوميات مراهق عشريني", شخصية البطل "عبدالعزيز" كانت الصامتة المملة التي أفقدته أهم ما يمكن أن يحصل عليه يوماً. العلاقات لا تمنحنا أوقات ممتعة فقط تمنحنا أيضا شعور جميل قد ينتشلنا من حزن أو يأس يخالجنا بعض العلاقات قد تصنع منا اشخاص رائعين أفضل مما نحن عليه .

أترككم مع مقتطفات من الرواية :

_ انتهت حكايتنا المجنونة, وانتهى كل شيء, ما عدا تلك العادة الغريبة. شهران في السنة, تفصل بينهما سبعة أشهر, أرسل في أحدهما رسالة, وأتلقى في الآخر رسالة, وهذا كل شيء.

_ لن أحمل القدر كامل المسئولية, فقد تتيح لنا أقدارنا, أحيانا, فرصة لاختيار نهايتنا.

_كانت حكايتنا أشبه بالفيلم السينمائي الممل, وكانت البطولة المطلقة فيه للحزن الذي صمد حتى النهاية.

_الانتظار لا يقتل البشر ابدا, بل يقتل العقول أو يصيبها بالشلل لنحيا حياة طويلة من دون أن نفكر في شيء سوى عودة ما ننتظر.

_كل شيء نعتقد أننا نسيناه يستوطن أعماقنا, في ذلك الصندوق الذي ما أن يفتح حتى تتغير كل قوانين الطبيعة, يولد الماضي في الحاضر, ويبعث الاموات من جديد , وتتصبب أجسادنا عرقا في برد الشتاء, ونرتعش بردا في حر الصيف.
_كنت أبكي إذن, بلا صوت, وكنت أشعر بصرخة عالقة داخل قفصي الصدري ترتطم بأضلاعي محاولة الفرار. كنت أكبتها, أخنقها علها تموت في الداخل, ولكنها تتضاعف رغم محاولاتي, إلى أن استحالت دموعا كادت تقتلع عيني من محجريهما.

_اكتشفت أن خيباتنا ترتبط أحيانا بالأماكن التي جئنا منها, ننساها ما أن نستقر في مكان آخر.

_كانت مشكلتنا الوحيدة تكمن في تفسيرنا للأشياء ونظرتينا المختلفتين للأمور, وكلانا كان مخطئا في إصراره وتمسكه برأيه.

_ كأن عاداتنا وممارستنا أثواب , ننزعها ونرتدي غيرها فور وصولنا لمكان آخر, وهذا لأن قناعاتنا لم تزرع بداخلنا, بل زرعت, حولنا, في الأماكن التي جئنا منها.

_من الجميل أن يفهم المرء ما نقول, ومن الرائع أن يفهم ما لا نستطيع قوله.

الثلاثاء، 5 أبريل 2016

فئران امي حصة _ سعود السنعوسي

مدخل,,
أطرد تفاصيل زمن ما جاء في ذاكرتي الا وأخذني إليه.

       أهدي هذه الرواية لكل شخص متعصب طائفياَ ليعلم أن الفئران آتية..
كعادته السنعوسي يحرك في القارئ شعور عميق ساكن لا يجرؤ أحداَ على نقبه. على الرغم من غرابة طرحه إلا أنه في كلا الروايتين نجح في إيصال الفكرة الأهم "نحن لسنا شعب الله المختار" وعلينا تقبل الطرف الآخر بغض النظر عن اختلافه عنا "دينيا, فكريا, اجتماعيا..." دعوته للتعايش في كلا الروايتين كانت صريحة لأن حلا غير ذلك لأن يجني إلا الحروب.
فئران امي حصة كان سعود يروي من خلالها أحداث زمن حاضر وذكريات زمن ماض, لنفس الجيل وكيف تعاطى هذا الجيل مع موروثه الاجتماعي والديني والثقافي؟ الجميل في الرواية بدايتها حيث الطفولة, البراءة والرغبة في معرفة كل ما هو مجهول لمجرد المعرفة لكن كلما كبر الأطفال كلما أصبحت الرواية تثقل الكاهل أكثر بحقائق نحاول جميعنا نكرانها, نهاية الرواية بالنسبة لي لم تكن متوقعة أبداَ من حيث السرد أما الأحداث فكانت تأخذ مجراها الطبيعي, بالغ السنعوسي حد الملل في وصف الأحداث, الأماكن, رد فعل الأشخاص اتجاه كل ما يجري بحيث لم يترك فراغ يسمح للقارئ بتصور الأحداث على طريقته أو أن يعيشها في مخيلته, كأنها كانت محاولة لاحتلال أكبر مساحة ممكنة من مخيلة القارئ وهذا ما أفقد الرواية جزء من المتعة المنشودة.

على الرغم من السقطة في آخر الرواية يظل السنعوسي متقدم في طرحه وبارع في انتقاءه على الروائيين  في مضمار الرواية الخليجية لم تتصدر رواياته الأكثر مبيعا لأنها اجتازت حدود الحرام بالفكرة بل لأنها خرجت عن النص لأفكار أخرى لم يجرؤ أحد الحديث عنها من قبل.
اعتذر للسنعوسي لأني قد أكون القارئ  الذي قال عنه في الرواية  "لا افهم كيف يتعاطى القارئ مع الكاتب. يصير رقيباَ أشد فتكا من أجهزة رقابية".

لا أعتقد أن لهذه الرواية مخرج ستسكن أحداثها و مجرياتها عقلك لشهور لاحقة ,, ولكن اترككم مع مقتطفات من الرواية :

_كنت أنصت إلى ارتطام قطرات المطر على إسفلت الشارع. كنت أشم رائحة التربة الرطبة. كانت السماء تُمطر سخية داخل راسي.
_تربة رمادية أحالت البلاد إلى منفضة سجائر عملاقة. دخان حرائق, حجارة بحجوم متفاوتة. كلاب سائبة. ريش أسود. طوابير طويلة أمام فرع مفوضية الاتحاد الأوروبي تطلب اللجوء. .... كأن يدا ضخمة هوت على البلاد أحالتها خرابا.
_في هذا الوطن, في هذا الوقت, الحجارة هي اسهل ما يمكن العثور عليه. لا يخلف الهدم الا حجارة لا تصلح للبناء!
_كدأبه إعلامنا لا يشبهنا. كأنه في بلد آخر.
_بعضنا, خشية منع الرقيب, يصير رقيبا عن طيب خاطر.
_من أين للأماكن القديمة أن تحيي ذكرياتها المخبوءه في ثناياها بمجرد المرور بها؟
_خوف الآخر وخشيته عليك عزاء في حد ذاته.
_يقلقني أن أستمع حزنا في صوت هذه المرأة, وها أنا الآن أستمع إلى نحيبها!
_للماضي رائحة! ووحدها الروائح قادرة على الوفاء للمكان في زمن التحلي.


من قال أن لا جدوى من وراء الكتابة؟