الثلاثاء، 29 أبريل 2014

كـــــلمة أو كـــلـــمــــتــــيـــــن _ ســـاجــد الـــعـــبدلـــي




جمع الكاتب مقالات متنوعة خفيفة وبليغه في ايصال الفكرة التي أرادها  , البساطة والسلاسة في اسلوبه كان بارزا حيث يأخذ القارئ من موضوع إلى آخر وكأنه في خلوة معه ويحدثه بـ "كلمة أو كلمتين" .
اختيار العنوان كان موفقا وبشدة حيث من النادر أن أجد كتابا يتناسب مع عنوانه بالشكل الذي تناسب معه هذا الكتاب , أترككم مع مقتطفات من كتــاب "كــلـمـة أو كــلــمــتــيــن " للكاتب ساجد العبدلي ,,
العبارة الجيدة, المقالة الجيدة, الكتاب الجيد, هي تلك التي تستفزك فتلبسك ثوب المفكر رغماً عن أنفك, لا ثوب القارئ المتلقي المحايد.
كنت أقرأ في كتب الإدارة دوما أن السعادة رحلة نستمتع بتفاصيلها ونحن نسيرها وليست وجهة نقصدها.
مر علي في قراءاتي أن القوة في الموروث والثقافة اليابانية تقوم على ثلاث : قوة السيف وقوة الجوهرة وقوة المرآة .
قوة السيف كما هو واضح من التسمية, يقصد بها القوة العسكرية أو الجسدية المباشرة, أما قوة الجوهرة فيقصد بها اللقوة المالية , وأخيراً قوة المرآة, وهي ما أثار انتباهي واستوقفني , حيث يراد بها قوة معرفة الذات والإلمام بقدرات وحدود ومواطن قوة وضعف النفس!
أشعر أنه مهما انحدرت الحالة الثقافية,  وتخلف واقع المجتمعات, يبقى للعلماء, في أي مجال كانوا, مهابتهم وقيمتهم, ويبقى ذلك في قلوب عموم الناس على الأقل, خصوصاَ عندما لا يتلوث هؤلاء العلماء بأدران السياسة, ولا يوالون الأنظمة المتسلطة, وعندما لا يتورطون في الفتن المجتمعية التي قد تميل بهم لفئة على حساب أخرى في مجتمعاتهم .

يروى أنه عندما زار العالم الشهير فخر الدين الرازي إحدى المدن, خرج الناس يتهافتون ليستقبلوه, فرأت هذا المنظر إحدى العجائز وسألت واحدا من المتجمهرين عن المسألة, فأجابها: هذا الإمام فخر الدين الرازي, زار المدينة وخرجنا نستقبله, فقالت: ومن يكون فخر الدين الرازي هذا؟ فأجابها: هذا الذي جمع كتابا فيه ألف دليل على وجود الله, فقالت بهدوء: لو لم يكن عنده ألف شك لما جمع ألف دليل, وعندما وصل الخبر إلى الرازي قال: اللهم إيمانا كإيمان العجائز.
إن التأمل والتفكر والتدبر, هو ما يميز القارئ العميق عن القارئ السطحي, حتى ولو كان هذا ممكن يقرؤون كثيراً جداً, لأن المسألة ليست بكم القراءة وبماهيتها وبكيفيتها وبالناتج عنها في المحصلة وهو الذي سينعكس على ثقافة هذا القارئ وعلى منظومة تفكيره وأخلاقه وسلوكياته.

إن من أهم الأمور لأجل حياة ناجحة يملؤها الحماس والتحفيز الذاتي, أن يكون لدى المرء شيء يستيقظ لأجله كل صباح, شيء يحبه ويجيد عمله في هذه الحياة.
ان التغيير وصولا إلى النجاح يجب أن يبدأ دائما من النفس, ولا يمكن أن يتحقق ما لم تتوفر الإرادة الذاتية الدافعة له.
ان الناجحين والعظماء والأكثر تفوقا لم يكونوا بالضرورة الأكثر ذكاء ولا الأكثر علما ولا الأكثر قوة, بل كانوا دائما الأكثر همة.
أن النجاح يطير بجناحين... جناح الفكرة الرائدة المتميزة, وجناحا آخر, أهم, هو جناح الهمة العالية والحماس المتصل لوضع الفكرة محل التطبيق.
إن المحظوظين حقا هم الذين تصبح هواياتهم هي ذاتها مجال عملهم.
كي تكون سعيدا فعليك أن تعمل فيما تحب.
عندما تريد أن تكون سعيدا وناجحا فعليك أن تعيش وتستمع بالحاضر.

الطاقة التي تنتج عن الإنسان عندما يكون سعيداً ومرتاحاً أكبر بكثير من تلك الطاقة التي قد تنتج عنه يوم يكون واقعاً تحت سلطة الجبر والأمر والتسلط والتخويف. هذا إن نتجت منه أي طاقة ذات قيمة أصلا!

أندرو ماثيو في كتابه الرائع "اتبع قلبك" يذكر شيئاً جميلاً, يقول: عندما نتبع قلوبنا ونعمل ما نحب, وكان يتكلم عن الوظيفة, قد نصل إلى أن يعطينا ذلك مالا كثيرا, ولكنه أحيانا لا يحصل , بل قد يصبح المال أقل من أي عمل آخر يمكننا القيام به حتى وإن كنا لا نحبه , لكننا أحيانا وعندما نجد العمل الذي نحب فقد نكون وصلنا إلى تلك المرحلة النفسية المستقرة التي لا نحتاج بعدها إلى المال الكثير!

الإيجابية الحقة تعني أن على الإنسان عند مواجهته للمعوقات والفشل أن يفكر بالدروس الخفية والحلول المحتملة والثمرات المستخلصة منها .

أن التواضع وعدم التعالي على الآخرين, يكاد يكون سمة لازمة لمن هم من أهل المال والخير والمقام المجتمعي العالي, ممن ورثوه أباً عن جد, في حين أن التكبر والتعالي والتغطرس, تكاد تلازم محدثي النعمة!
فلا شيء يجعلك تجل الإنسان وتحترمه مثل كرم أخلاقه, وعلى رأس الأخلاق,  التواضع والسماحة واللين, ولا شيء يجعلك تحتقره, بل تكرهه, مثل تكبره وصلفه وثقل نفسه على عباد الله.
إن الصفح عن الآخرين لا يعني أبدا أن نتنازل عن حقوقنا, وأن نقبل بالخطأ أو الضرر الذي وقع علينا, وإنما يعني وبكل بساطة أن نتخلص فقط من ذلك الشعور الخانق الذي يعترينا تجاه من أخطئوا بحقنا.

مثل صيني قديم يقول : الكلب القابع في الحظيرة ينبح على البراغيث من حوله, وأما الكلب الصياد فلا يدري عنها, والحقيقة أن هذا المثل الظريف, يصور وبدقة مسيرة الفرد في هذه الحياة . لأن ذلك الإنسان الذي يمتلك رؤية واضحة لما يريد تحقيقه’ ويسير على خطة محددة نحو ذلك, هو فرد ناشط بالحركة في هذه العجلة المحسوبة دورتها بكل دقة . أما ذاك الفرد الفارغ الفكر او النفس, فيمتلك طاقة كبيرة مخزونة لم يصرفها في شيء قط , و لا يتوانى لذلك عن هدرها وتبذيرها على أي قضية تافهة, أو صراع جانبي, أو معركة هامشية مفتعلة أو وهمية مع هذا الطرف أو ذاك.
لا بد من الحسم والمواجهة لكل امر يطرأ علينا في هذه الحياة, ولابد من عدم ترك الأمور معلقة إلى ما لا نهاية, وكل قرار يتخذه الإنسان, مهما كان, هو أفضل بكثير في النهاية, من حالة "اللا قرار", حتى وإن تبين بعدها أنه كان قرارا خاطئا , لأن القرار الخاطئ يمكن تصحيحه أو معالجة تبعاته في الغالب, وإن كان الثمن غالياً, وأما عدم اتخاذ القرار فقد يورد الإنسان المهالك.

بعض العلاقات في حياتنا, ومهما حاولنا أن نصلحها, ستظل عبئا ثقيلا علينا, لأنها ستظل تجعلنا نتخلى عن الكثير من أنفسنا, وربما حتى نفقدها تماما. لذلك فعلينا , أن نتحلى بالشجاعة لنتخلى عن هذه العلاقات حين نكتشفها. هذا وإن كانت من التي يمكننا فك الارتباط بها بطبيعة الحال, لأن الاستمرار في مثل هذه العلاقات المسمومة سيؤذي كلا من الطرفين, وربما سيتجاوز إلى الإضرار بأطراف أخرى.

ان رجلا كان يتريض على الشاطئ, فأبصر طفلاً في البعيد, يسير ويلتقط أشياء من على الأرض ويرميها في البحر, فاقترب منه, وإذا بالطفل يلتقط حيوان نجم البحر الذي جرفه المد وألقاه على الشاطئ, ليلقيه مجدداً في البحر, فقال له الرجل, ماذا تفعل؟ أجاب الطفل: أعيد نجم البحر إلى البحر حتى لا يموت جفافاً تحت الشمس, فقال له الرجل: لكن لن يمكنك أن تغير شيئا كبيرا, وأشار بيده إلى امتداد الشاطئ الذي كان ممتلئا على مد النظر بالمئات من نجم البحر التي كان قد جرفها المد . نظر إليه الطفل وابتسم, وهو يلتقط نجم بحر آخر ويلقيه في البحر, قائلا: ولكنني على الأقل غيرت شيئا في حياة هذا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق