الثلاثاء، 8 مايو 2018




رقة العزلة _ الهنوف الدغيشم

_أغمض عيني فتغيب كل الأصوات وتتلاشى, فلا يبقى إلا صوتي, فمن أيقظ هذا الصوت القديم داخلي؟ من عبث بهذه الفوضى المتراكمة والمنسية في أعماقي؟ هل حسبت كل هذا ميتاً ومنسياً مع الأيام الهادئة واللطيفة؟
            بعض الكتاب يمتلك مهارة بعثرتك بين كلماته يحلق بك صاعداً ويهوي بك أرضاً لا يبالي بوقعها عليك, أكاد أجزم أن هنوف حين كتبت لم تعي ذلك أبدا كانت تحاول التواصل مع روحها عبر الكلمات التي لامست روحي, انتشلت كل الأفكار التي تسكني والذكريات المختزنة في مكان ما داخلي ورسمتها على هيئة حروف تشكلت مترتبة لتعيد كل ما حاولت جاهدة أن أتجاهله.


_ فأنا في هذه العزلة نقية من كل شيء, لا أثر لأحد داخلي, ليس ثمة يد أتكئ عليها هنا كما اعتدت دائما, ولا خوف من أعين تتربص بي .
            أؤمن بالصداقة الروحية تلك التي تلتقي فيها الأرواح قبل الأجساد ولكن بعد قراءتي لــ "رقة العزلة" آمنت بالأرواح التي تلتقي بين الكلمات أنا أشعر وهي تكتبني, أنا أتألم وهي تخط حرفها عن ألمي الذي يسكنها, هل عزلتها في فرابيورغ منحتها الفرصة لتأمل علاقتها العميقة بذاتها, بينما الحياة الاجتماعية الثرية هنا ألهتني! كان اللقاء بين كلماتها حاراً فهل هي أنا ولكن بجسد وحياة أخرى تختلف تماماً عن واقعي.

_ في داخل كل منا صوت, بينما على مسرح الحياة هناك صوت آخر, وهذا الالتباس بين الصوتين, هو الذي يحمينا, ويجعل احتمالية التعايش مع الآخر ممكنة.
            أن تكتب يعني أن تمنح نفسك فرصة للتحدث عن ذاتها وأحيانا مواجهتها, ولكن أن تكتب وتكتشف أنك كتبت الآخرين معك من غير وعي منك بذلك هذه مهارة تتطلب روح رقيقة تستشف كل ما يختلج في النفس وتأبى الروح بالبوح به. لكنك تتابع الكتابة في محاولة منك لترتب الفوضى المتكومة على أعتاب فكرك أو لتدرك ذاتك التي وقفت مطولاً للبحث عنها.

_هل الغريب مع الغريب لا يعود غريباً؟
 ظل السؤال الذي يخالجني : هل بداخل كل منا هنوف تتأمل بصمت ؟ أم أن هنوف حالة خاصة لحالات فردية تعد شاذة بكل أفكارها وتأملاتها عن المجتمع!
كتاب لا أستطيع أن أنصح به فهو بوح خاص لامرأة تلملم شتاتها في كلمات إن كنت تعتقد/ين أنه يمكنك سماع طرق الكلمات المدوية "برقة" فهذا الكتاب لكِ..

أترككم مع مقتطفات مني دونتها "الهنوف الدغيشم" في رقة العزلة...


_هل السعادة وهم صغير نحن ن نخلقه فيستحوذ عليما ونصدقه؟

_شعرت أن الأيام تتكرر, وأنني – في الحقيقة – متوقفة وينقصني إدراك ذلك.

_ماذا تعني حياة الرفاهية إذا حرمتنا من أشيائنا التي نحب؟ إذا لم تحقق أحلامنا البسيطة؟

_الحياة لديهم مستمرة, والرغبة في عيش تفاصليها متقدة. الحياة لا تنتهي ما دمنا أحياء.

_أليست مخاطرة العبور إلى الأفضل مكان أفضل هي شغف عميق بالحياة؟

_أدرك أن تذكر الأشياء لا يأتي مرتباً ولا مجدولاً, فجاءة تقفز إلى ذاكرتي صور وذكريات لم أكن أرغب في استدعائها لكنها تحضر.

_ رغم هذه الفوضى في حياتي, والصباحات الباردة, والوجوه الجامدة جداً, ورغم أن كل شيء يجعلني عصية على الاندماج, إلا أنني أجدني متصالحة تماماً مع ذاتي.

_أظن أنني وصلت إلى مرحلة أتباهى فيها بعزلتي هذه العزلة رقيقة وملهمة, إنها تفتح لي أبواب تأملات لا تنتهي, فأشعر كأنني أتقافز داخلي من فكرة إلى أخرى, حتى المرور العابر للآخرين لا يمنح أفكاري إلا نمواً, ولا يزيد تأملاتي إلا سعة.
_إن توقي إلى معرفة نفسي, قادني إلى إدراك صراعاتي الداخلية.... أدى إلى حالة من التوتر الداخلي, وكل ما اسعى إليه الأن هو صنع السلام بين النساء المتناقضات والمتشابكات داخلي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق