الثلاثاء، 25 مارس 2014

الــــــــــــــــروح _ للإمام ابن قيم الجوزية

أهدي هذا الكتاب لكل من نسي الآخرة وعمل للدنيا ,,
لـــكــل ظالم يظن أن لن يقــــدر عليـــهـ أحد ..
لــكـل فــاســد يظـن أنه لا أحـدا أكــبر منــهـ ..
لــكل عـاصيـ نسي أن الــدنــيا دار فنـــاء ..
في هذا الكتاب ستجدون ما تبحثون عنه فيما يتعلق بالروح , البرزخ والحياة التي لا نعلمها أبدا .. حتى نبلغها .
سبحانه سوى نفس الإنسان كما سوى بدنه, بل سوى بدنه كالقالب لنفسه, فتسوية البدن تابع لتسوية النفس, والبدن موضوع لما هو موضوع له . ومن ههنا يعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها, فإنها تتأثر وتنتقل عن البدن, كما يتأثر البدن وينتقل عنها , فيكتسب البدن الطيب والخبث من طيب النفس وخبثها, وتكتسب النفس الطيب والخبث من طيب البدن وخبثه , فأشد الأشياء ارتباطا وتناسبا وتفاعلا وتأثرا من أحدهما بالآخر الروح والبدن.
تميز الروح عن الروح بصفاتها أعظم من تميز البدن عن البدن بصفاته.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" الأرواح جنود مجندة تلتقي في الهواء فتشأم, فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".
أخبرك بأمر : إذا تأملت أحوال الأنفس والأبدان شاهدته عياناً, قلَ أن ترى بدناً قبيحاً وشكلاً شنيعاً إلا وجدته مركباً على نفس تشاكله وتناسبه, وقل أن ترى آفة في بدن إلا و في روح صاحبه  آفة تناسبها, ولهذا تأخذ أصحاب الفراسة أحوال النفوس من أشكال الأبدان وأحوالها, فقل أن تخطئ ذلك.
إن الأرواح قسمان : أرواح معذبة محبوسة وأرواح منعمة ... في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي . والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة : تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا , فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها, وروح نبينا محمد صلـى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى . قال الله تعالى : } ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذي أنعم الله عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا {.
وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار الجزاء , والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة.
يصف ابن القيم الحياة في القبور وكيف تبدأ بوصف دقيق تقشعر له الأبدان ....
يأتيه منكير ونكير يثيران الأرض بأنيابهما ويفحصان الأرض بأشعارهما, وأصواتهما كالرعد القاصف, وأبصارهما كالبرق الخاطف..... أن الأرواح تعاد إلى القبر وأن الملكين يجلسان الميت ويستنطقانه .
روى من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ".
من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" هذا الذي تحرك له العرش, وفتحت له أبواب السماء, وشهده سبعون ألفاً من الملائكة, لقد ضم ضمة ثم فرج عنه". قال النسائي: يعني سعد بن معاذ.
ذكر ابن أبي الدنيا أن عمر بن عبدالعزيز لما كان في يومه الذي مات فيه قال أجلسوني فأجلسوه, فقال: أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني فعصيت _ثلاث مرات_, ولكن لا إله إلا الله, ثم رفع رأسه فأحد النظر فقالوا: إنك لتنظر نظراً شديداً يا أمير المؤمنين, فقال: إني لأرى حضرة, ما هم بإنس ولا جن, ثم قبض.
يسرد لنا ابن القيم مجموعة كبيرة من الرؤى التي تلتقي بها أرواح الأحياء بالأموات فيتناقلون الأخبار والأحوال .. ما شـــدني منها.
قال يزيد بن هارون : أخبرنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن ابن ميناء خرج في جنازة في يوم وعليه ثياب خفاف, فانتهى إلى قبر قال: فصليت ركعتين ثم اتكأت عليه, فوالله إن قلبي ليقظان , إذ سمعت صوتا من القبر : إليك عني , لا تؤذني فإنكم قوم تعملون ولا تعلمون, ونحن قوم نعلم ولا نعمل, ولأن يكون لي مثل ركعتيك أحب إلى من كذا وكذا , فهذا قد علم باتكاء الرجل على القبر وصلاته.
وقال عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز: رأيت أبي في النوم بعد موته كأنه في حديقة فدفع إلي تفاحات فأولتهن الولد, فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ فقال: الاستغفار يا بني.
قال سهيل (القطعي) أخو حزم: رأيت مالك بن دينار بعد موته فقلت: يا أبا يحيى , ماذا قدمت به على الله؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة محاها حسن الظن بالله عز وجل
قد ذكر ابن ابي الدنيا: حدثني محمد بن موسى الصائغ , ثنا عبدالله بن نافع قال : مات رجل من أهل المدينة, فرآه رجل كأنه من أهل النار’ فاغتم لذلك . ثم قال إنه بعد سابعة أو ثامنة رآه كأنه من أهل الجنة, فقال: ألم تكن قلت : إنك من أهل النار؟ قال : وقد كان كذلك إلا أنه دفن معنا رجل من الصالحين فشفع في أربعين من جيرانه فكنت أنا منهم .
حدثني رجل من آل عاصم الجحدري قال : رأيت عاصما الجحدري في منامي بعد موته بسنتين فقلت : أليس قد مت ؟ قال : بلى , قلت : فأين أنت؟ قال : أنا والله في روضة من رياض الجنة , أنا ونفر من أصحابي , نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبدالله المزني , فنتلقى أخباركم , قال : قلت : أجسادكم أم أرواحكم ؟ قال : هيهات, بليت الأجسام, وإنما تتلاقى الأرواح, قال: قلت: فهل تعلمون بزيارتنا إياكم؟ قال : نعم , نعلم بها عشية الجمعة ويوم الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس, قال: قلت: فكيف ذلك من دون  (سائر) الأيام كلها؟ قال: لفضل يوم الجمعة وعظمته.

يـــــــارب إن لــــــنا أحبـــابـــا لا نــعلم عنــــهم شيئا فأسكن أرواحهم جــنة عرضها السموات والأرض.

فظاهر القبور تراب, وبواطنها حسرات وعذاب .... تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالاً, ونادت: يا عمار الدنيا لقد عمرتم داراً موشكة بكم زوالاً, وخربتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالا, عمرتم بيوتاً لغيركم منافعها وسكناها, وخربتم بيوتاً ليس لكم مساكن سواها, هذه دار الاستيفاء ومستودع الاعمال وبيدر الزرع, وهذه محل للعبر, رياض من رياض الجنة أو حفر من حفر النار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق