الاثنين، 31 مارس 2014

روايــة الأسود يليق بكِ _ أحلام مستغانمي


أوليست الحياة أنثى.

في حياة قضتها واقفة , لم تكتسب يوماً مهارات الجلوس على المبادئ, لذا لن تفوز بشهرة لا تفتح بابها في الغرب إلا لمن يتقن دور الضحية, مضحيا بقيمه, لذلك الضوء الساطع ثمن ما كانت جاهزة لدفعه.

كان ولاؤها أولاً للحقيقة, وهي لا تملكها كاملة, وتدري أن كل شيء كان ممكناً في وطن فوق قبوره تُبرم صفقات الكبار, وتحت نعال المتحكمين بمصيره يموت السذج الصغار.

كل حكم يصنع وحوشه, ويربي كلابه السمينة التي تطارد الفريسة نيابة عنه.. وتحرس الحقيقة باغتيال الحق.

الإعلام الرسمي الذي راح بداية يبارك تمردها, ويروج لها كنموذج لجزائر الصمود والشجاعة, كان في الواقع يصفي حساباته مع الإسلاميين, وسرعان ما تحول إلى تصفية حساباته معها.

بدأت المشاكل حين راحت تصرح للصحافة الحرة, بأن ثمة جزائر للقلوب وأخرى للجيوب, وإرهاباً سافراً وآخر ملثما, وأن كبار اللصوص هم من أنجبوا للوطن القتلة, فالذين حملوا السلاح ما كانوا يطالبون بالديمقراطية بل بديمقراطية الاختلاس وبحقهم في النهب, ما دام لا سارق اقتيد إلى السجن.

حينها بدأ الغربان و متعهدو الدماء يحومون حول صوتها النازف, ويشجعونها على رفع النبرة, ويزودونها بالأسماء.. وبأعواد الكبريت!

يكفي أن تؤنث المأساة, وتضاف إليها توابل الإسلام والإرهاب, والتقاليد العربية, لتكون قد خطت خطواتها الأولى نحو الشهرة!

الشجاعة هي أن تجازف بقول ما لا يعجب الآخرون.

الجولة؟ الجولة يُنازل فيها طرف طرفاً آخر.. ليس أن تكون وحدك على حلبة لتلقي ضربات يتنافس الجميع على تسديدها إليك .

كان ثمة زحمة موت, لذا لم يحظ الراحلون بدمع كثير, وحدهم الموتى كانوا يمشون في جنازات بعضهم.

"كن صامتاً.. أو ميتًا".

 

 

..........

هل أكثر فقراً من ثري فاقد الحب ؟

سيقتله الأمر قهراً, أن تتحاشى سؤاله عن اسمه, كأن تترفع عن معرفة حدود سطوته, هل ثمة إهانة أكبر!

"لا تذهبي بقلبك كله" قال لها عقلها. ولكنها ذهبت بقلبها كله. وعادت بلا عقل .

هو لن يقول لها مثلاً, أنه يوم رآها في المطار تُحدق في وجوه كل الرجال عداه, قرر أن يثأر لذلك الخذلان العاطفي بموعد لن ترى فيه سواه.

لعلي امرأة عربية تحزن حين يجب أن تفرح, لأنها ما اعتادت السعادة.

أنت لا تعرفين من تحبين حقا إلا عند الانفصال.

مأساة الحب الكبير ليست في موته صغيراً بل في كونه بعد رحيله يتركنا صغاراً.

 

..........

 

تعلمي الغناء من الإصغاء إلى حفيف الكائنات, كما الآن.

أصغي إلى صمتك وأنت تمشين في هذه الغابة .. بالصمت نعرف متى يكون الوقت صحيحاً أو خاطئا في الموسيقى.. كما في الحياة.

لا يمكن أن تمضي بعيداً في الحياة , إن لم تضبطي إيقاعك. الإيقاع يمنعك من أن تنشزي أو تلهثي, أن تمضي في كل صوب . الناس الذين ترينهم تائهين في الحياة, لم يأخذوا الوقت الكافي لضبط إيقاعهم قبل أن ينطلقوا .

الفشل مُعد تماماً كالنجاح, والسعادة معدية تماماً كالكآبة. وحتى الجمال مُعد.

نحن نساوي من نقيس أنفسنا بهم, لا تقيسي نفسك إلا بالكبار إن شئت أن تكوني كبيرة.

لا أفقر ممن يفتقر إلى الخيال.

تذكري أنك كما ترين نفسك تكونين.

.........
لم تكن تشبه أحداً في زمن ما عادت فيه النجوم تتكون في السماء, بل في عيادات التجميل.

أجمل لحظة في الحب هي ما قبل الاعتراف به .

الحب لا يعلن عن نفسه, لكن تشي به موسيقاه, شيء شبيه بالضربات الأولى في السمفونية الخامسة لبيتهوفن.

الحب هو ذكاء المسافة, ألا تقترب كثيراً فتلغي اللهفة, ولا تبتعد طويلا فتُنسى.

لا نعرف كيف نروي الحلم عندما نستيقظ منه . لا شيء فيه يشبه ما نعيشه عادة.

"حبنا هو أول قضية عليك كسبها.. سأمنحك فرصة المرافعة لتكوني امرأة حياتي"

..........

من أي نجوم أتينا لنلتقي أخيرا؟

كلماتها صادفت أذنه, وأوقعته في فتنة أنوثة ما خبر من قبل بهاء عنفوانها.

ثمة نساء يلامسن لواعج الروح , يعبرن حياتك كجملة موسيقية جميلة, يظل القلب يدندنها لسنوات بعد فراقهن.

كان يراها تزداد تعلقًا بما ترك لها من إضاءات وسط أسرار عتمته.

الكبرياء أن تقول الأشياء في نصف كلمة, ألا تكرر, ألا تصر, أن لا يراك الآخر عاريا أبداً. أن تحمي غموضك كما تحمي سرك.

 

..........

كل ما يأتي على عجل يمضي سريعاً, وكل ما نكتسبه بسرعة نخسره بسهولة, وهو بلغ من الحكمة عمراً, أصبحت فيه متعة الطريق تفوق متعة الوصول, وانتظار الأشياء أكثر شهوة من زهو امتلاكها.

أن كل ما يمكننا تخيله قابل للتحقيق, يكفي أن نريده حقاً, وأن نثابر على حلمنا .

العواطف الجميلة وحدها لا تصنع نجاح الفنان.. الأمر يحتاج إلى مثابرة وإصرار, النجاح جبهة أخرى للمعركة.

من غير المسموح للذي يسبح مع الحيتان الكبيرة أن ينام.. وإلا انتهى في جوفها .

فمن يغني قد هزم خوفه..  إنه إنسان حر!

بلى, بإمكان من لا يملك إلا حباله الصوتية أن يلف الحبل حول عنق قاتله, يكفي أن يغني, فلا قوة تستطيع شيئا ضد من قرر أن يواجه الموت بالغناء.

خلقت الغزلان لتركض في البراري, لا لتختبئ , فالخوف من الموت.. موت قد يمتد مدى الحياة.

وحدهم السعداء بإمكانهم إعمار الوطن.

..........

الرجال هكذا.. يأتون عندما نكف عن انتظارهم, ويعودون عندما يتأكدون أننا ما عدنا معنيين بعودتهم.

ثمة خسارات كبيرة إلى حد لا خسارة بعدها تستحق الحزن.

ثمة شقاء مخيف, يكبر كلما ازداد وعينا بأن ما من  أحد يستحق سخاءنا العاطفي, ولا أحد أهل لأن نهدي له جنوننا.

الأحلام التي تبقى أحلاماً لا تؤلمنا, نحن لا نحزن على شيء تمنيناه ولم يحدث, الألم العميق هو على ما حدث مرة واحدة, وما كنا ندري أنه لن يتكرر.

..........

هو ليس حزيناً من أجلها, بل لأنه جعلها كبيرة, وتركته صغيراً.

لا أحد يرمي بنفسه إلى البحر , دون وجهة واضحة, إن لم يكن القهر قد ألقي به إليه.

الأكثر وجعاً, ليس ما لم يكن يوماً لنا, بل ما امتلكناه برهة من الزمن , وسيظل ينقصنا إلى الأبد.

تذكرت أنها لا تدري مع من تقتسم فرحتها , وهذه أعلى درجات الوحدة.   

هل قال عاشق عربي يوماً لامرأة إنها تنقصه؟

..........

 

هي لم تنس شيئاً. لقد عقدت هدنة مع الذاكرة ليس أكثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق