هذا
الكتاب أتى في شكل نصائح توجيهية ,ارشادية وقصصية يرويها الكاتب بأسلوب ساحر , لا
تعلم وأنت تقرأ له هل القرارات الصحيحة هي ما اقراها الوزير أم ما نصح بها الوكيل
أو ما أصر عليها الإداري الصغير , حتى يدير الدفة لك ويقول :
"ما يبدو لغزاً أو شبيهاً باللغز , يصبح
عند تحليله...., أمراً بالغ البساطة"
يحسُن
بالمرء , في عالم الإدارة , وفي عالم الحياة الواسع , أن يوطن نفسه على التعامل مع
جسام الامور وتوافهها على حد سواء.
إن
اكتشاف المرء مجاله الحقيقي الذي تؤهله مواهبه الحقيقة لدخوله يوفر عليه الكثير من
خيبة الأمل فيما بعد , بين الحين والحين يجيء من يسألني عن سر نجاحي . إذا كان ثمة
سر فهو أنني كنت’ دوماً , أعرف مواطن ضعفي بقدر ما أعرف مواطن قوتي .
الإنسان
الذي يعرف نقاط ضعفه يملك فرصة حقيقة في تحويلها إلى نقاط قوة .
إن
رغبتي في إتقان ما أقوم به من عمل لم تعن , قط , رغبتي في التفوق على أي إنسان آخر
. كنت , ولاأزال , أرى أن هذا العالم يتسع لكل الناجحين بالغاً ما بلغ عددهم .
وكنتُ , ولا أزال , أرى أن أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين هو في حقيقته ,
هزيمة ترتدي ثياب النصر .
من
دراستي المتعمقة لعالم السياسة الألماني / الأمريكي الشهير .هانس . ج . مورجنثاو,
الذي كتبت عنه رسالة الماجستير . يرى هذا الباحث أن السياسة كانت , منذ الأزل ,
وتبقى , إلى الأبد , صراعاً على القوة . وما المقصود بالقوة ؟ محاولة إخضاع
الآخرين لسلطة المرء . يمضي مورجنثاو فيقول إنك لا تستطيع أن تخُضع الأخرين لسلطتك
, إلا عن طريق ثلاثة دوافع , الرغبة في الثواب , أو الخوف من العقاب , أو الحب
والاحترام .
فضلاً
عن التوجيهات العامة التي اقتطفتها , لفت انتباهي تحليل د. غازي لأحدى القضايا
المهمة حيث يقول:
كتابة
الرسائل إلى الصحف فن قائم بذاته , لا علاقة له بالبلاغة , ولا بعدالة القضية .
يستحيل
أن ينشر مقال ضد اسرائيل في أي صحيفة أمريكية دون أن تصل إلى هذه الصحيفة عدة ردود
"عقلانية" تعترض على المقال .
لا يمكن
لمتحدث عربي أن يتحدث دون أن يحضر الاجتماع عدد من الصهاينة أو المتعاطفين معهم
يلزم هؤلاء الهدوء حتى تنتهي فترة المحاضرة وتبدأ فترة الأسئلة , بعد بضعة أسئلة
استفزازية ينجح هؤلاء في إثارة المحاضر الذي يفقد أعصابه ويفقد الجمهور الذي كسبه
. كنت أعجب وأنا أرى محاضراً عربياً ذكياً بعد محاضر عربي ذكي يقع في هذا الفخ .
يبدو أن الدراسة الصهيونية المستمرة للعقلية العربية لا تفتأ تعطي أروع النتائج .
إن
الأشياء التي تفرق اليهود لا تختلف , في تنوعها , وكثرتها , عن الأشياء التي تفرق
العرب . إلا أن اليهود تعلموا من الحريق النازي الهائل أن بقاءهم على قيد الحياة
رهن بقدرتهم على إنشاء تنظيم فعال يتمحور حول إسرائيل . هذا درس لا يُستوعب في
جامعة , ولا في منتدى فكري , ولا تطلقه مـؤسسة أبحاث , وقد تعلمه اليهود في حمامات
الغاز التي أبادت معظم اليهود في أوروبا , وكل ما أتمناه أن لا يحتاج العرب إلى
فاجعة مماثلة قبل أن يستوعبوا أنه لا حياة بدون تنظيم .
أن الفارق
الرئيسي بين العرب والصهاينة أننا نتصرف
بطريقة فردية عفوية وهم يتصرفون بطريقة جماعية منظمة .
د.غازي
كان يمتلك مهارات تحليله في كل المجالات لم يقتصر على السياسة , الوزارة أو
الإدارة بل حتى في أساليب التدريس كان له تجربة و رأي جميل أطالب كل محاضر / دكتور/
أستاذ أو أي شخص ينتمي لسلك التعليمي أن يتبع أسلوبه لعلنا نرى أجيالا شغوفين
بالعلم والمعرفة :
لا بدً
هنا أن أقول إن التدريس فن لا علاقة له بكمية العلم التي يختزنها المدرس. أغزر
الناس علماً قد لا يكون قادراً على نقل علمه إلى الآخرين , وأنجح المدرسين قد لا
يكون أعلمهم .
التيسير
والتعسير (أو التشويق والتعقيد) , هذا هو الفارق بين المدرس الناجح والمدرس الفاشل
. علًمتني تجربتي الدراسية الطويلة أن المدرس الذي يستطيع تبسيط المنهج يفتح أمام
الطالب أفاقا جديدة من المعرفة ويحثه على الاستزادة منها . أما المدرس الذي يتعامل
مع مادته وكأنها لغز أو طلسم فإنه سرعان ما ينجح في جعل الطلبة يتعاملون مع المادة
كأنها بالفعل من الألغاز والطلاسم .
لا يمكن
للمادة أن تكون مفيدة ما لم تكن مشوقة , ولا يمكن أن تكون مشوقة ما لم تكن مبسًطة
, ولا يمكن أن تكون مفيدة ومشوقة ومبسًطة ما لم يبذل المدرس أضعاف الجهد الذي
يبذله الطالب . كنت أقول للطلبة في المحاضرة الأولى إن رسوب أي منهم يعني فشلي في
تدريس المادة قبل ان يعني فشله في استيعابها . كنت أقضي وقتاً طويلاً في التحضير :
ثلاث ساعات من القراءة لكل ساعة في الفصل . لا يمكن لمدرس أن يُعد محاضرة مشوقة
إذا اكتفى بقراءة كتاب واحد . سرعان ما يكتشف الطلبة الفرق بين محاضر حقيقي يشد
انتباههم وبين محاضر يردد كالببغاء ما يجدونه في الكتاب المقرر.
لا أزال
, أرى أن التركيز على البحث وإهمال القدرة على التدريس عن إقرار الترقيات الجامعية
أمر لا يخدم مصلحة الطالب.
قال أحد
أساتذتي الأمريكيين :" في الولايات المتحدة التعليم يعني التدريب , أما في
اوروبا فالتعليم يعني السماح لك بتثقيف نفسك بنفسك".
كنت ولا
أزال , أرى أن شهادة الدكتوراه لا تعني أن حاملها يمتاز عن غيره بالذكاء أو الفطنة
أو النباهة فضلاً عن النبوغ أو العبقرية . كل ما تعنيه الشهادة أن الحاصل عليها
يتمتع بقدر من الجلد وبإلمام بمبادئ البحث العلمي . الهالة التي تحيط بحاملي
الدكتوراه خاصة في العالم الثالث , وتوحي أنهم مختلفون عن بقية البشر وهم لا أساس
له من الواقع .
مسئولية
العميد , كما أفهمها أنا لا كما يفهمها العمداء الصوريون , لا توجد بجانبها سلطة
تعادلها . لا شيء يشبه إحباط الإنسان الذي يرى نفسه مسئولاً عن أشياء لا أول لها
ولا آخر دون أن تكون لديه أية سلطة . الدرس الكبير الذي تعلمته من تلك التجربة ,
وهو درس أوصي كل إداري ناشئ أن يضعه نصب عينيه طيلة الوقت , هو : لا تتعامل مع أي
موقف دون أن يكون لديك الصلاحيات الضرورية للتعامل معه . لم أكن أعي هذا الدرس
وجلبت لنفسي , وللآخرين , قدراً لا يستهان به من المتاعب .
تعلمت
.. أن السلطة , مهما كانت واسعة , لا تضمن تحويل القرارات إلى واقع ملموس .
لفته :
ليس من
حق الجامعة أن تأوي إلى جبل يعصمها من طوفان التنمية فتعتزل المجتمع بخيره وشره ,
وتنصرف إلى كتبها وطلبتها وهمومها الصغيرة : تدرس حياة شاعر عاش في اسكتلندا قبل
قرون , أو تشرح نباتاً لا ينمو إلا على ضفاف البحيرات في كندا . إن مكان الجامعة
الطبيعي هو في قلب الإعصار , وفي تنور الطوفان , عند دفة القيادة من فلك التنمية ,
ومكان القيادة لا يعطى بل ينتزع بالطموح والإصرار , وبتلويث الساعدين بغبار
المعضلات وتبليل القدمين بغبار الأزمات .
كلنا
يعلم غازي وفن إداراته للوزارات ,إليكم........
سراً
عظيما من أسرار الإدارة : افتح المجال أمام الآخرين وسوف يذهلك ما تراه من
منجزاتهم .
أنني
نشأت وفي أعماقي إحساس كامن بأن السلطة , بلا حزم , تؤدي إلى تسيًب خطر , وإن
الحزم ,بلا رحمة يؤدي إلى طغيان أشد خطورة .
أن
الإدارة الحكيمة تتطلب الحزم بقدر ما تتطلب العطف .
أنني من
أشد المؤمنين بالمقولة الشائعة : إن الذي
لا يخطئ هو الذي لا يعمل .
أن
السلطة العامة يجب ان تكون في خدمة الناس بدلاً من أن توظف الناس لخدمتها .
الأنظمة
المعقدة هي المسئولة عن كثير من الفساد.
هناك
ثلاث صفات لا بُد من توافرها في القائد الإداري الناجح , الأولى صفة عقلية خالصة ,
والثانية صفة نفسية خالصة , والثالثة مزيج من العقل والنفس .....الصفة الأولى ,
العقلية , هي القدرة على معرفة القرار الصحيح .... وأن القيود والعقبات ما هي في
الحقيقة سوى ضوابط وضمانات .... الصفة الثانية المطلوبة , النفسية , هي القدرة على
اتخاذ القرار الصحيح . ما أكثر القرارات التي يعرف صانع القرار الإداري أنها صحيحة
ولكنه يعجز عن اتخاذها خوفا من العواقب . إذا كانت الحكمة جوهر الصفة الأولى
فالشجاعة هي روح الصفة الثانية .
على
صانع القرار ألا يتخذ أي قرار إلا إذا اكتملت أمامه المعلومات . وإذا كانت هذه
القاعدة تنطبق على كل مسئول , صغيراً أو
كبيراً , فإن تجاهلها , عندما يكون صاحب القرار رئيس دولة , يمكن أن يؤدي إلى
كارثة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق